كان من المفترض ان تكون مقالتي، تحليلاً لنتائج الاتفاق الإيراني السعودي برعاية الصين ، غير انه، وعلى اهمية هذا الاتفاق، برز تطور آخر متمثل بنتائج القمة السورية الروسية، كي يصبح الزامياً مقاربة الحدثين بالتوازي لتداخل احداثهما،بالتاثير على الحدث الاقليمي والدولي.
اولاً وبالترتيب الزمني شكل التفاهم السعودي الايراني وبرعاية الصين على وجه الخصوص، حدثاً استراتيجياً اقليمياً مدوياً،فقد شكل تحول دراماتيكياً في المشهد الاقليمي، وتحديداً في الاصطفافات التي تكون موازين القوى حيث ادى هذا التفاهم، بما هو انتقالى المملكة العربية السعودية، من الامركة الكاملة الي تموضع تبدو فيها المملكة قد امسكت العصا من وسطها، في العلاقة مع الصراع.
لا بد ان نتائج هذا التحول تشكل ضربة قاسية للمشروع الامريكي، ولكل متفرعاته،وادواته،حيث تخرج المملكة ومعها الكثير من دول مجلس التعاون الخليجي، من دور تنفيذي مباشر لسياسات الولايات المتحدة، الى، وبالحد الادنى، الحياد، والى فرضية معروفة وهي ان كلفة التفاهم بين مكونات الاقليم هي بالتأكيد اقل بكثير من تلك المواجهات التي ارادها الامريكيون حرباً بالواسطة وعنهم.
على مستوىً آخر فان الستار سيكون قد اسدل على اسوء اشكال استهداف دول المنطقة، وهي الحرب السنية الشيعية التي عنونت امريكياً رغبة باستثارة الانقسامات المذهبية.
لقد جوف هذا الاتفاق ما عرف بصفقة القرن بما هي فعل تطبيع مع العدو، هو تطبيع شكل امريكياً حبل انقاذ للدور الوظيفي الصهيوني، ولاستعادة هذا الكيان المؤقت دوراً اقليمياً هو بديلاً عن دور الشرطي الاقليمي الذي طالما لعبه هذا الكيان، فاصبحت صفقة القرن بما هي ايضاً حمائية امنية لدول الخليج، عاطلة عن العمل.
لا شك ايضاً انه و بهذا التفاهم وفي حال استطاعته الحياة والاستمرار، ستنتفي الحاجة لكل الانتشار العسكري الامريكي بالمنطقة.
وتطول لائحة التداعيات، منها متمثل بدخول الصين كلاعب اقليمي متواجه مع المشاريع الغربية من اجل اقليم متصالح محصن وأمن.
غير ان معظم التوقاعات تركزت علي فكرة استطاعة هذا التفاهم الصمود اما الرفض المتوقع له إن امريكياً او من قبل الكيان الغاصب، وبلغ التشكيك حدود الكلام عن احتمال استخدام الخضات الامنية والاغتيالات لاسقاطه.
غير ان تطور آخر برز كحدث كبير في الاقليم، هو القمة الروسية السورية التي شكلت نتائجها اتفاقات ذات طابع استراتيجي خصوصاً علي المستوى العسكري، حيث حصل ما يشبه التوأمة بين الدولتين.
وبذلك تتحول سوريا من دولة تعاني من الحصار والتجويع، كقصاص لانتصارها على الحرب الامريكية بالارهاب، الى دولة محصنة تستطيع حماية اعادة التموضع الخليجية واستعادة دورها الاستراتيجي.
اذاً حماية اضافية يؤمنها الدور للسوري الجديد الذي يذهب الى تكامل عسكري مع الاتحاد الروسي، للتحولات الجارية،بالاضافة الى جعل التواجد العسكري الامريكي في سوريا مستحيلاً، وضبط الانتهازية التركية وتلاعبها المكرر في دورها الاقليمي وتموصعاتها. .
بهذا الاتفاق الاستراتيجي تصبح سوريا ايضاً، عاملاً معطلاً اضافياً لمغامرات الكيان الغاصب.
المنطقة تبدو فعلاً امام متغيرات كبيرة، اعتقد بقوة انها ستجعل من حياة الكيان مستحيلة ومن الهيمنة والسيطرة الامريكية اوهام صعبة التحقيق.
ايضاً فان الحصار المحكم علي سوريا سيصبح في وضعية التلاشي حيث ان تطبيقاته ستصطدم في الوجود العسكري الروسي الاستراتيجي، و ستكون كلفة تطبيق الحصار مكلفة للغاية.
المنطقة امام ثنائية جديدة، ستغير وجه الصراع، يبقى ان نشير ان القدرة الغربية على السيطرة على مجريات الاحداث تتراجع، وذلك ربطاً بالازمات الداخلية المتفاقمة عندهم، وهذه قيمة مضافة للمتواجهين مع الهيمنة.
ويتكامل المشهد الشرق اوسطي الايجابي الاتجاه مع الحدث الاوكراني، الذي وان حاول الامريكي اطالة امد الحرب، فهو محكوم بفشل العدوان الاطلسي علي روسيا، وهذا مرتكز بشكل اساسي على فكرتين، الاولى تتمثل باستحالة حصول، هزيمة لروسيا على ارضها وفي حديقتها الخلفية اما الثانية فهو نضوج ظروف اوروبية لرفض الحرب والمباشرة في الحل السياسي القائم على ابعاد التهديد عن الاتحاد الروسي."