في القومية والاستقلال والسيادة وإلحاق القطريات العربية بالآخر

عادل سماره

مثل أية مسألة مركزية في حياة الأمم، فإن المسألة القومية ربما أكثر المسائل طرحا وتنقاضا وجدالاً.

تركز الجدل في فترة الصعود الإشتراكي حول مرحلية القومية أم لا وانتهائها لصالح الأممية. ولكن تداعيات انهيار الكتلة الإشتراكية كشفت أو أثبتت أمرين هامين:

الأول: أن القومية ، نعم مرحلة، ولكن لم تصل حدها، وبأن عالم اليوم تحكمه الدولة القومية ومن لا يدرك ذلك أو يتخلى عنه يقع في ورطة ضياع نظري وعملي.ولم يقع في هذا فقط بعض الماركسيين بل اليسار الحداثي الذين افترضوا أن أمريكا إمبراطورية العالم وبأن عالما عابر للقوميات قد حل أمثال هاردت ونيجري  في تنظيرهما  لرأس المال `` العابر للقوميات '' (2000) حيث آل الأمر لصالح الأولغارشيات المحلية في المركز خاصة  كاحتكارات تقودها هذه الطغم السياسية في التحليل الأخير أي ان التقاطع الاقتصادي حكمته التفارقات السياسية. قد يعتقد البعض حتى اليوم أن هناك راسمال عابرللقوميات بناء على انخراط الأوليغارشيات الأوروبية في حرب امريكا ضد روسيا في اوكرانيا، ولكن هذا تعبير عن مصالح سياسية جوهرها اقتصاد الشركات المندمج ولكنه لم يتحول إلى راسمال عابر للقوميات  لأن المعارضة الداخلية الشعبية/القومية في أوروبا لم تستسلم..

 لكن تطورات المرحلة لم تُمهل هذا التحليل طويلاً ليتضح أن امريكا دولة قومية مهيمنة طبعاً ولكن ليست الدولة العالمية. كما أن انتهاك أمريكا لسيادة عديد دول العالم لا يعني أنها تقيم نظام الدولة العالمية بل تفرض شكلاً مختلفا للسيادة بين بلدان المركز حيث السيادة وما فوق السيادة والمحيط وما دون السيادة رغم الاستقلال.

هذا إلى أن كانت حرب أوكرانيا حيث تمكنت الولايات المتحدة من إحتواء كامل أوروبا مجدداً لتدخل بها حرباً ضد روسيا يتضح كل يوم أنها حرب أمريكا بأدوات أوروبية وغير أوروبية لا حرب حلفاء.

ولا نُغفل هنا أن تفكك الكتلة الإشتراكية أغوى البعض في الاعتقاد بأن عالم القطب الواحد ذاهب إلى التبلور والاستقرار إلى أمدٍ طويل ما، ولكن فعل الإنسان في الزمان والمكان لا يأخذ مسارا واحدا في كل مكان ولا ينحصر في رؤية واحدة حتى للأقوى. لذا، بدأت  تتبلور أنوية قطبيات جديدة في العالم نشاهدها اليوم على نحو واضح. لذا كان لا بد من نظرة استراتيجية للتطور السياسي القووي/من قوة العالمي لمعرفة أن قانون التغير والتطور ليس محصوراً في مسربِ واحد. لقد ناقشتُ هذا في كتابي Beyond De-linking 2005، وبينت أن صعود اقطاب اخرى أمر وارد، وها نحن نشهده اليوم، وجادلت في حينه بأن أمريكا هي الدولة المستقلة الوحيدة وأوروبا حكم ذاتي وبقية العالم مستعمرات .

وفي هذا السياق صار من الأهمية بمكان للأمم أن تبحث كل عن مستقبلها من حيث:

•  تمتين السيادة الوطنية

•  عقد التحالفات الإقليمية وربما الدولية

وهذا يفتح على تجديد أهمية موضوع هام أقل دروسه بأن الدولة الصغيرة لن تكون إلا تابعة.

والثاني: إن نضوج المجتمعات للإشتراكية لم يحصل بعد لأسباب عدة منها أن  الخطاب والتوعية والتطبيق الإشتراكي كان متخلقاً وممثلاً بهيمنة القومية الكبرى في الدولة الواحدة على الأخريات كما حصل في الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا، ناهيك عن قوة المعسكر الإمبريالي وشغله الدائم لتقويض هذا المعسكر إلى جانب فقدان الاتحاد السوفييتي حيادية باندونغ حيث كان باندونغ، في النهاية، تدريب بلدانه، أو معظمها إن شئت/ على آلية جديدة للعودة إلى دعوة/إستدعاء الاستعمار.

وربما الأهم من كل هذا أن الإشتراكية في تلكم البلدان بدأت من أعلى بقرار من الدولة التي بالبيروقراطية تحولت إلى أداة لطبقة وإن كانت الطبقة غير معلنة. أي أن بناء الاشتراكية الحقيقي يجب ان يبدأ من تبني ووعي الطبقات الشعبية للاشتراكية ومن ثم دفعها/رفعها إلى السلطة ديمقراطيا من يمثل مصالحها ويستمع لمطالبها وتوجيهاتها، ومقدمة هذا هي التنمية بالحماية الشعبية.

ولكن، من مفاعيل وآثار تفكك الكتلة الإشتراكية حصول تغير في مسألة السيادة القومية على صعيد عالمي والسيادة والقومية متواشجتين، فلا يمكن تحقيق حق تقرير المصير وبناء الدولة القومية ما لم تكن لها سيادة على أرضها. فالاستقلال يافطة سياسية على السطح، مما يستوجب قراءة ما تحتها بمعنى:هل هناك:

•  استقلال إنتاجي

•  أمن غذائي

•  حدود محمية

•  تبعية  تحت غطاء تحالف وصداقة، مثلا علاقة النظام المصري اليوم بأمريكا.

•  تبادل لامتكافىء

•  سيادة ثقافية

إن خرق أوهشاشة أياً من هذه العناصر يكشف شكلانية الاستقلال وشكلانية قومية الدولة.

لو قرأنا طبيعة الدويلات التي جرى سلخها عن الاتحاد السوفييتي أو تفكيك يوغسلافيا او حال العراق أو السودان، أو ما يُجهَّز لمصر وسوريا  لرأينا ان عالم ما بعد الكتلة الإشتراكية إنقسم إلى مستويين من السيادة كما اشرنا أعلاه:

سيادة الدولة القومية في المركز

وتبهيت سيادة الدويلات الجديدة في المحيط.

 

وهذه الدويلات أطلقتُ عليها"الموجة القومية الثالثة" اي صياغة دويلات تابعة، تحكمها طبقات كمبرادورية، تابعة للمركز الإمبريالي ومتناقضة مع بعضها البعض، وشديدة العداء للدولة الأم، ولعل دول البلطيق مثالاً على هذا وكذلك كرد  العراق وسوريا ايضاً.(أنظر كتابنا :هزائم منتصرة وانتصارات مهزومة 2020).

أما الموجة القومية الأولى فكانت في اوربا منتصف القرن التاسع عشر والتي قامت على اساس تطور اقتصادي إنتاجي وتحكم بالفائض وتمحور على الذات مما حقق سيادة حقيقية بل وسمح لها بالتوسع استعمارياً.

وكانت الموجة القومية الثانية في المحيط مع منتصف القرن العشرين والتي بدأت ذاتية الدفع تحررية من الاستعمار.

كانت الموجه القومية الثانية مثابة تحدٍ للإمبريالية حتى في مجتمعات لم تترسمل بعد كمايجب،

 لتطالب بحق تقرير المصير للشعوب حتى في الأماكن التي لم تتخذ فيها الرأسمالية شكلها المميز. ومن هنا اقتران القوميةبالسيادة.

 لكن كثيراً منها انتكس إلى سلطة رأسمالية كمبرادورية حافظت على الاستقلال الشكلي والسيادة الإسمية بينما بقي التغلغل الاستعماري في جسدها تماماً.

لذا، يمكننا المجازقة بالقول بأن السيادة غدت إلى حد كبير حصراً في دول المركز بينما جرى تبهيتها في دول المحيط حتى التي لم يجري تفتيتها.

نقصد مما ورد أعلاه أن تحصيل السيادة هي حالة اشتباك أبعد من الاستقلال، فيمكن أن تكون دولة مستقلة لكن بلا سيادة لأن استلاب السيادة أمر ناعم ولكنه اشد خطورة لأن نعومته مغطاة بفيض إعلامي ثقافي يموهه.

 

تشترط المسالة القومية المشاركة الشعبية أي وعي جمعي للقومية والتزام بها بمعنى أن تصبح

الفكرة عقيدة سياسية ، أو قومية ، تُعمِّق في روع ووعي الشعب أنه يستحق وطناً سيدا بامتلاء.

لكن التوقف عند هذا الحد أو المرحلة من الاستقلال والسيادة يحمل غمطاً لتناقض داخلي في المجتمع هو التناقض الطبقي حيث لا توجد دولة قومية تحقق المساواة، بل ولا تهدف حتى لو أعلنت، أنها تحقق أو ستحقق المساواة بين الطبقات الاجتماعية. ولعل الكيان الصهيوني أكثر من ادعى تمثيل الجميع بالمساواة وأوضح من فشل.

ولعل من الطرافة بمكان أن الدولة القومية المستقلة والمتطورة في أوروبا وخاصة الغربية هي التي قامت على تطور نمط الإنتاج الراسمالي  هذا الساحر الكبير الذي نقلها نوعياً إلى مستوى حياة متقدم وملحوظ شكَّل أمنية لشعوب بلدان المحيط، فإن نمط الإنتاج الساحر هذا حمل معه التناقض الطبقي بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة التي هي اساس الإنتاج لا سيما في هذه التشكيلة الراسمالية المتقدمة.

ولكن السلطة الحاكمة في تلكم البلدان تمكنت من لجم هذا التناقض بعاملين على الأقل:

•  التوسع الاستعماري فالإمبريالي فالمعولم وضمنه مستواه الناعم اي التبادل اللامتكافىء وهذا لا يخرق الاستقلال بل يخرق السيادة ويجعلها خِرقة خَرِقةً تنزل من ثقوبها بلاوي على الناس ولا يشعرون إلا بوعي نقدي.

•  والانتقال إلى دولة الرفاه التي تعطي هامشاً من الفائض للطبقات الشعبية بحيث تعيش عيشة مقبولة بما لا يدعوها للثورة ناهيك عن رشوة قيادات النقابات وطبعاً مواصلة تلقي تحويلات المحيط للمركز سواء بالنهب أو التبادل اللامكتافىء.

لقد توصلتُ في قراءة هذه المسألة إلى استنتاج  أو فرضية أنه في كل بلد هناك من الناحية الطبقية قوميتين:

القومية الحاكمة أي الطبقة الحاكمة بقيادتها البرجوازية

والقومية الكامنة اي قومية الطبقات الشعبية.

بدوره، فإن المركز بتبريد الصراع الطبقي كما اسلفنا أعلاه تمكن من عقد هدنة تطول أو تقصر بين الطبقتين عبر دولة الرفاه. ومن هنا توصلتْ مدرسة النظام  العالمي الماركسية (أمين، اريغي، فرانك وولرشتين)  إلى أن للمحيط دور اساس في تفجير الثورة في المركز لأن مركز بداية الثورة كامن في المحيط.

 

ولكن، كيف تعاطت السلطة مع هذه المسألة في بلدان المحيط.

وقد يكون الوطن العربي مثالاً نموذجيا على هذا.

 

ومن هنا، باختصار، نلاحظ أن البنية الطبقية أو تفاوت الطبقات أو سخونة العلاقة بين الطبقات في الدولة الواحدة مختلفة بين بلدان المركز وبلدان المحيط. أي إن آليات امتصاص أو تبريد الصراع الطبقي في المركز ليست متوفرة في بلدان المحيط.ومن هنا يُعتبر المحيط موقع الثورة المحتمل ضد الراسمالية في هذه المرحلة من التاريخ.

قوميتان في الوطن العربي:

يهمني هنا التوضيح بأن سياسات أنظمة الحكم في الوطن العربي وإن اتخذت تسميات عربية اي نظام عربي حاكم عربي...الخ هي سياسات طبقية تسحب نفسها فعلا وميدانيا على جميع القوميات والإثنيات في الوطن الكبير. وعليه، فإن تسمية عربي وإن كانت تقود إلى تطريب أسماع العرب هي في الحقيقة تخدم الأنظمة الحاكمة حيث تؤجج الخلاف حتى داخل الطبقات الشعبية على حساب مصلحة ووجوب تحرر وتطور وكرامة هذه الطبقات نفسها.

فالأنظمة العربية الحاكمة هي أنظمة تكرر شعار القومية باستمرار لكنها تمارس تطبيقياً سياسات قُطرية مضادة بل وتعمل على اجتثاث ما أمكن من الرابط والمشترك العربي وتقيم علاقات تبعية مع بلدان إقليمية او دولية على حساب العلاقات البينية لها مع البلدان العربية. وهذا بحد ذاته نموذج فاقع على استقلال بلا سيادة. ومن هنا بوسعنا القول بأن هذه الأنظمة طالما لم تحقق اية وحدة ولو بين قطر وآخر هي في الحقيقة مضادة للقومية وللأمة بل الأصح للعروبة التي تمثل كل من هم في هذا الوطن الكبير بشكل مسبق، مقصود ومنهجي.

من هنا نلاحظ تركيز هذه الأنظمة على الراية، وإيديولوجيا الأردن، مصر، العراق اولاً، وهي أولاً ضد البلدان العربية الأخرى ومع إلحاق نفسها إقليميا أو دولياً!.

ولكي تحافظ هذه الأنظمة على سيطرتها على القطر الواحد المحكوم من قِبَلِها فهي تلجأ إلى:

•  تشجيع غير معلن للقطرية والإقليمية والجهوية والمذهبية والطائفية والقبيلية.

•  غمر الأسواق بمنتجات المركز تشجيعا للاستهلاك وسحقا للإنتاج المحلي ونزيفاً للفائض وتجنيدا لأوسع ذوق شعبي يعشق المنتج الأجنبي وفي هذا إسقاط نفسي ضد ثقافة البلد

•  الارتباط بالتبادل اللامتكافىء عبر طبقية الكمبرادور التي هي اساسية في الحكم

•  تجنيد أكبر عدد ممكن من رجال العسس والأمن ليكون مجرد وجودهم  وانتشارهم عامل كبح لأي اعتراض طفيف فما بالك بالرفض.

•  بناء جهاز وظيفي بيروقراطي  هائل يعتمد في بقاء حياته على وظيفة حكومية فيقاتل لبقاء النظام.

•  إطلاق يد القطاع الخاص في التخارج إقتصاديا من خلال الكمبرادور والطبقة الطفيلية

•  تشجيع واحتضان مثقفي الانشباك والطابور السادس الثقافي بما هو متخارج اصلا .

•  تعميم ثقافة أن الغرب حليف وصديق.

•  احتضان قوى الدين السياسي بما هي معادية للعروبة بدورها.

•  وأخيرا، التحالف مع المركز الإمبريالي في ما نسميه: تكوين قطاع عام راسمالي معولم قوامه:

o  برجوازية المركز المنتج

o  وبرجوازية المحيط التابعة/الكمبرادور

بحيث يصبح الكوكب مثابة مزرعة عامة لهذا التحالف، وهذا بالطبع على صعيد عالمي وليس فقط بين الأنظمة العربية والمركز.

هذه ربما بعض آليات تبريد الصراع الطبقي في الوطن العربي بين القومية الحاكمة والقومية الكامنة، وحين لا يفعل التبريد فعله يكون الخصي ثم القمع.

أين نحن؟

والسؤال ماذا عن المستقبل؟ هل القومية والسيادة متطابقتين، وإن حصل هل ستبقيان كذلك؟

وهذا أيضاً متعلق باختلاف المركز والمحيط.

فبلدان المركز والتي انتقلت "تقريبا" من دور الاستعمار المباشر إلى غير المباشر بالتبادل اللامتكافىء مثلاً، تحقق شكلا من أشكال السيادة خارج الدولة القومية ، حيث تجمع الدول سيادتها في تحالف عابر للقارات كالثلاثي الإمبريالي (امريكا، واوروبا واليابان/سمير امين) أو  "اتحادات إقليمية".

لعل ما يهمنا هنا أن كل دولة سواء في الثلاثي أعلاه أو في الاتحادات الإقليمية  تحافظ على سيادتها القومية أي تدخل التحالف كدول قومية بلا مواربة. فالبريكس مثلاً هو تحالف معولم لدول قومية واضحة القومنة.

بالمقابل، فإن البلدان العربية تشكل حالة ، ربما فريدة، في الإنفكاك بين الاستقلال والسيادة من جهة وبين القومية والسيادة من جهة ثانية. فهذه البلدان تقيم علاقات فرادى مع الكتل المعولمة والقوى الإقليمية على حساب وكبديل لما يجب أن يكون اي أولاً أن تكون هناك كتلة عربية متكاملة تتواشج مع الآخر ككتلة بينما هي كأنظمة منفردة.

وهذا الحال هو جوهرياً استقلال بلا سيادة وبلا قومية ومن ثم الدخول في سراديب تبعية جديدة، وهذا المرة بدون احتلال عسكري استعماري، اي الدولة نفسها او النظام عدو البلد والأمة.(لتوسع في هذا أنظر كتابنا ARAB’ REGIME ARAB’S ENEMY 2023 وضمنه تحليل بأن الدولة  في الوطن العربي تلعب دور الإمبريالية في الوطن وعلى حسابه لصالح الإمبريالية)

ومن هنا، فإن العلاقات الفردية بين العراق وإيران أو العراق وتركيا وكذلك العلاقات بين سوريا وإيران وبهذه الانفرادية هي تتبيع البلدين العربيين لكل من إيران وتركيا منفردتين أو مجتمعتين.

 

قد يسأل سائل: ولكن: إذا كانت الأنظمة العربية هي نفسها طاردة للتكامل وتعمل على تطوير التخلف فلماذا الاعتراض على الدخول فردياً في علاقات مع النظام العالمي و بلدان إقليمية؟

وهذا إعتراض جوهري،

وهنا علينا تذكر ما يلي:

إن وصول هذه البلدان لهذا الوضع هو بقرار وسياسات من هذه الأنظمة، ولذا عليناإدانة ذلك ومواصلة النضال لتغيير هذه الأنظمة وليس التساوق مع انخراطاتها منفردة.

هذا لا يعني منعها من علاقات إقليمية ولكن يعني وجوب التذكير والتوعية بأن هذه العلاقات يجب أن تكون بعد التكامل العربي.

إن ما كان يجب عمله مثلاً، تكامل الجزائر وتونس وبوليساريو كحد أدنى وصولاً إلى تكامل المغرب العربي الكبير ومن ثم مع المشرق، أو التكامل السوري العراقي على الأقل، بمعنى سوراقيا مقابل إيران وتركيا.

لا  ندري بعد ما هي آفاق الهدنة الإيرانية السعودية، وآفاق تباطؤ في تبعية الخليج للغرب عموما، ولكن هذا إذا تحقق ولو نسبياً يطرح وجوب الضغط كي تُفتح مواقع العمل في الخليج للعمالة العربية بدل غير العربية وهذا يساهم في سوق عربية أوسع والتي بدورها تنبني عليها  مصالح طبقية في التكامل والوحدة حتى لو برجوازيا، ويبدو أن أول الوحدة ستكون برجوازية.

قد يعترض البعض بأن أنظمة الخليج تابعة ويمينية وريعية وبرجوازية. وهذا صحيح، ولكن أليست أنظمة تركيا وإيران ايضا رأسمالية ويمينية ودين سياسي أي طبقية عموماً! بل إن فرصة عامل  عربي في مطالبة نظام عربي بحقوق هي أقوى من فرصته في بلد آخر، هذا إذا كان ذلك البلد سيقبله كعامل اصلاً على حساب فرص عمل عُماله! وهنا يظهر معنى السيادة والاستقلال.

قد يخدم  رأينا هنا قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي لأنها ترفض تدفق عمالة أوروبا الشرقية إليها، أو صراخ الأتراك من منافسة العمالة السورية في تركيا رغم أن سلطة أردوغان هي التي هيأت لهم الخيام قبل بداية الإرهاب. ولكي لا نظلم أردوغان، فقد كان يعتقد أنه سيصلي في الجامع الأموي . فهل كانت صلاة رئيسي فيه رسالة لتركيا. ولكن لماذا لم تقلد سوريا رئيسي بالمناسبة وسام بني أمية!