لقد فهم العدو الصهيوني الانجلوسكسوني منذ عقود طويله، أنه لكي ينتصر ويحقق احلامه الفاشيه في قضم فلسطين واحتلال ما يريد من الدول العربيه المجاوره، لابد أن يفصل البعد القومي العربي بحسه البشري المغموس بالوعي والذاكره والجغرافيا وحتى الدين عن محيطه. لاحظ وربما كان ذلك نتاج تخطيط الانجليز والفرنسيون من قبله، بسبب تهميش "الاسلام" واستدخال الوهابيه والاخوانيه اليه وانجاز سلاح ذو فعاليه ونجاعه عاليه ليس في تدمير الوعي عند العرب، بل في زرع بذور الشر والكراهيه وعدم الاكتراث والحب للوطن الأم وغيرها في وجدانهم ايضاً.
وهذا ما كانت قد حذرت عنه حركه القوميين العرب وغيرها من القوى الوطنيه القوميه منذ خمسينات القرن الماضي واوضحت مخاطر هذه الخطه ليس على فلسطين فحسب، بل على كل عالمنا العربي. لهذا كان تركيز الاعداء منذ تلك الفتره على ضروره هزيمه هذه القوى. ولهذا كان ضروري جداً ايضاً هزيمه الدول التي آمنت بالفكر القومي، وكلنا لا زال يذكر ما حصل ولا زال يحصل ليومنا هذا لتلك الدول والقيادات.
ما نراه من عدوان فاشي مستمر ضد الفلسطينين منذ ١٠٠ عام ومدى تراجع الدعم الرسمي العربي والاسلامي لهم هو نتيجه ذلك. فعندما كانت فلسطين تعتبر قلب العالم العربي كان هناك الدعم العربي الرسمي الشعبي لها واضح المعالم. أحتلت فلسطين وبعدها حيدت مصر ودمر العراق وسوريا واليمن وليبيا والحبل على الجرار، لم نعد نسمع او نرى الا كلمات تنديد فارغه مدعومه بالكثير من المؤامرات "العربيه" التي تهدف الى زياده القتل والتدمير. وفي كل هذه الاثناء لم نلحظ الا محاولات انشائيه بائسه من ما هو مفترض ان يكون "عالم إسلامي "، محاولات لاتؤدي ولن تساعد في وقف هذا النزيف القاتل، مع ان كل هذه الدول هي عربيه اسلاميه و فلسطين فوق كل هذا تحتوي على اولى القبلتين وثالث الحرمين وغيرها من الأماكن الاسلاميه الأكثر قداسه في العالم كله.
هذا الوضع المأساوي لم يحبط عزائم الكل، فكما في كل تراجع وهزيمه هناك اقليه ترفض الخنوع والاستسلام. ولأن امتنا العربيه حيه فكان الامر كذلك في وطننا العربي. فمن عناصر محدوده الأعداد هناك وهناك تشكلت قوى مناضله ترفض القبول بالهوان وتؤمن بعداله قضايانا الوطنيه والقوميه وبقدره شعوبنا على دحر الكيان وهزيمته وهزيمه أعوانه . فالارض ارضنا وهم الأغراب الذين لا جذور لهم في وطننا ولن يمكن ان تنبت مهما طال الزمان واسودت الصوره وتراجعت الهمم. هذا أدى الى تأسيس محور عربي مقاوم لقى حليف له في إيران التي هي الاخرى كانت تعي ما معنى ان يكون هناك إستعمار في محيطها، عدو عنصري فاشي هدفه السيطره وسرقه الخيرات وهدر نفوس من يدافع عن حقهم وكرامتهم. ايران فهمت منذ انتصار الثوره ان الكيان الصهيوني وأسياده الامريكان المرابطين في الخليج لن يسمحوا لها "بالتنفس" خصوصًا بعد ان حدد الإمام الخميني موقفه وموقف الثوره من الكيان ووقوفهم بجانب فلسطين وشعبها وعداله قضيتهم.
"محورنا يفهم أهميه وضروره العوده الى القوميه العربيه ويعمل على تحقيقها"
لقد اثبت هذا المحور في سنوات قلائل إيمانه واصراره وقدرته بشكل يفرض معه ان لا يشك احد بهذا الوضع الذي وصل اليه محور المقاومه ومكوناته. ما يجب ان يكون واضحاً لنا نحن اصحاب القضيه ان هذا المحور بني على الخط الوطني وبدء يعيد البعد القومي لقضيتنا مع أن المكونات الاقوى في هذا المحور هي قوى ذات خلفيه دينيه. من يسمع السيد حسن نصرالله، الامين العام لحزب الله، سيعرف بلا ادنى شك ان "ايمانه " بحتميه الانتصار لايعتمد على تجيش المليار ونصف مليار مسلم واشراكهم في المعركه ضد الكيان الصهيوني، بل على بعض الملايين العرب في دول الجوار الذين يؤمنون بان فلسطين هي بحق قلب الامه العربيه وإن لم تحرر فان الامه ستموت.
لا شك أن تشكيل محور المقاومه هذا لم يكن سهلاً، لا بل أن بعض مكوناته مثل حركه المقاومه الاسلاميه، حماس، لم تفهم اهميه وضروره انسلاخها عن امها حركه الاخوان المسلمين، خطوه ليست بسيطه وسهله ستكون مؤلمه وربما لازالت تعاني الى يومنا هذا من ابتعادها النسبي عنها، إلا أن ما حدث على الارض منذ اثني عشر عاما ولا زال، اثبت لها اهميه وضرورة اخذها لخطوه الانسلاخ هذه وضروريه الاستمرار بها اذا ما فعلاً ارادت ان تحرر فلسطين،رغم الاغراءات والضغوطات التي تواجهها من قطر وتركيا والعديد من قياداتها السياسيين.
ما أثبته معركه ثأر الاحرار الأخيره أن محور المقاومه متماسك موحد ذكي وقادر على دك الكيان في عمقه. ما هو المطلوب منا هو الإيمان بهذه الحقيقه وأن لا ندع الاشاعات والحرب النفسيه التي لا زال الكيان الصهيوني يبدع في استعمالها، توثر علينا سلبياً او تجعلنا نشكك بمحورنا المقاوم المقاتل مهما كان الثمن.
لقد كان واضحاً ان العدو الصهيوني بدء يخطط لهذه المعركه الاخيره منذ فتره وأن اغتياله للشهيد عدنان خضر كانت جزء من خطته التي روج لها وركز فيها والمفادها انه ليس في وارد محاربه أي تنظيم الآن غير حركه الجهادالاسلامي. إغتياله للقاده الثلاثة العسكريين الكبار المؤلمه هي أيضاً جزءاً من هذه الخطه.
وكما كان ذلك واضحاً، كذلك يجب ان يكون واضحاً ايضاً ان هذه الخطه فشلت، خصوصاً بعد صمت المقاومه وعدم ردها على هذه الجرائم البشعه لمده ٣٣ ساعه، وبعد ان صدر أول بيان بالرد من غرفه العمليات الموحده وليس من حركه الجهاد. اي أن مقاومتنا الباسله تعرف أن الحرب هي ضد المقاومه الفلسطينيه بكافه مكوناتها وليس ضد هذه الحركه أو ذاك التنظيم. الرد كان مشترك مما يعني أن علينا أن نرفض الرواية الصهيونيه بان حركه حماس لم تشترك في المعركه وان حركه الجهاد تركت تقاتل وحيده مع اننا جميعاً رأينا وسمعنا عن شهداء كتائب ابو علي مصطفى وغيرهم. علينا ان نصدق ونثق بمن يقاتلوا بالنيابه عنا وهذا أضعف الإيمان. علينا ان نصدق بلا ادنى شك عندما نسمع ونقرأ بأن المعركه كانت تدار من محور المقاومه وغرفه عملياته الموحده وأن اركان المحور من اليمن الى لبنان وإيران كانت على تواصل دائم مع غزه تقدم لها ما تريد من مساعده. علينا أن نؤمن بأن آجلاً أو عاجلاً سيأتي وقت الحرب التي ستشترك فيها كل اركان محور المقاومه وتهزم الكيان وتحقق النصر لفلسطين العربيه.
:يمكنكم المشاركة بكتابتكم على موقع اشتباك عن طريق إرسالها على البريد الالكتروني لموقع اشتباك عربي